تتمثل العلاقة الزوجية للأزواج اليوم تلك العلاقة التي تسودها الرومانسية المبتذلة والمصطنعة من خلال ما طبعه الإعلام في عقولهم من علاقات رومانسية في الحب، تتمثل في توهج عاطفي ومشاعر فياضة ونبضات قلب لا تنتهي وغيرها من المشاعر والتصورات المخادعة، ولكن العلاقة الزوجية كما تفضل بها العالم الدكتور ( مصطفى محمود ) رحمة الله وأسكنه فسيح جناته، إن العلاقة الزوجية الناجحة والدائمة هي التي " لا تعتمد على الشهوة فالشهوة ملولة ومؤقتة، ولا تعتمد على الحب فالمشاعر والعواطف متقلبة ومتحولة، ولكنها تعتمد على الأخلاقيات والتخلص من الأنانية من أجل الشريك، والتنازل والتضحية والتغافل والتعاون وتقبل عيوب الشريك، هذا هو الزواج الحقيقي والدائم ".
وعليه إن تمت تلك العملية العقلانية النفسية بين الزوجين بنجاح، مبنية على حب جميل دون ابتذال أو تصنع أو تقليد، كذلك الصراحة والثقة المتبادلة والتفهم من مقومات نجاح تلك العلاقة، فهناك قصة أحد الشباب أعجبتني فهو يتحدث عن صدق مشاعر طبيعية فيقول بصراحة: أنه تزوج بفتاة زواج تقليدي استمر خمس سنوات، فهو لا يحس بمشاعر الحب المتوهج من ناحيتها حتى اعتقد أنه قد اخطئ باختياره لها، فعمد للصلاة والدعاء " بارك الله به وبزوجه "، ومن ثم وضع قائمة من عشر نقاط بمواصفات الفتاة التي يحبها، فاندهش بنتيجة أن زوجته قد تكاملت بها المواصفات بنسبة ثمانية من عشرة، فشعر ذلك الشاب بشعور أنه قد ظلم زوجته، وقام بعدها جاهدا لتجديد مشاعر الحب بالبوادر والمواقف الجميلة والتقرب منها حتى أصبح يشعر بذلك الحب، وتلك هي الأخلاقيات التي تستثر من خلالها العلاقة الزوجية الناجحة الأبدية المليئة بالعواطف والأحاسيس الجميلة، فذلك الشاب لم يلجأ لمرأة أخرى لإشباع عاطفته وإنما استخدم مفتاح العقلانية في الأمور.
كذلك بالنسبة للشابة أو المرأة المتزوجة التي لطالما تفتقد تلك المشاعر في زمننا هذا، فالمرأة كذلك بالأخلاقيات الجميلة تمتلك قلب زوجها من أجل علاقة زوجية ناجحة، واللجوء للعلم حيث تعلم المزيد من الثقافة الزوجية وكيف تسير نفسية زوجها، وكيفية التعامل معه، هكذا تكن الأخلاقيات والتنازلات في سبيل الله، ومن أجل عمار البيوت بالأمن النفسي والراحة والسعادة والحب، ومن جانب آخر نجد غالبية النساء اليوم يلجؤون للمبالغة في التزين خشية على أزواجهم من الانحراف، وصرف أموال كثيرة من أجل تغير في شكلها للأفضل بعيدا عن طبيعتها الجميلة التي خلقت عليها.
هناك دراسات اثبتت أن الرجل يحترم المرأة التي تثق بنفسها وبجمالها، فهي دليل على رقي فكرها وجمال روحها، فالتزين مهم بالنسبة للمرأة والرجل ولكن بعيد عن المبالغة والتقليد، فامتلاك قلب الطرف الآخر في العلاقة الزوجية مبني على فن التعامل والتفكير من أجل سعادة الآخر التي هي بالنهاية أخلاقيات كل منهما، وتلك الأخلاقيات لا بد أن تكون مبنية ومأخوذة من تعاليم ديننا الحنيف الجميل الراقي والسامي، وعليها استثمار مشاعر الحب والعاطفة والاحترام الأبدي .