يقضي الطفل نصف يومه بأمور ترتبط مباشرة أو غير مباشرة بالمدرسة و التعليم يوميا,من الذهاب و العودة الى و من المدرسة, و في المدرسة و من ثم متابعة فروضه في المنزل, لذا يعتبر التعليم بشكل عام و المدرسة بشكل خاص من القضايا الحساسة و الأساسية في تكوين شخصية و ثقافة الطفل و خاصة في المراحل الأولية من عمره.
فالمدرسة هي البيئة الاجتماعية و التعليمية التي يتكسب منها الطفل الكثير في فترات تعتبر أساسية في اكتسابه العادات الاجتماعية و فهمه لأمور حياتية ستبقى معه حتى نضوجه و مواجهته للحياة بكل تفاصيلها, فالمدرسة تشكل مع البيت و الجيران العوامل الأساسية في بناء شخصية الطفل و نجاحه في المستقبل. و اختيار المدرسة من المسائل الواجب الاهتمام بها من قبل الأهل فهم لهم الدور الأول و الأخير في هذا الاختيار, و معرفة المعايير الصحيحة لاختيار المدرسة لطفلك تساعدك في تربيته تربية صالحة و تكوين شخصيته و أخلاقه بشكل أفضل.
هناك أمور كثيرة تشغل بال الأهل عند تفكيرهم في اختيار مدرسة طفلهم و الحيرة أحيانا نابعة من أمور يكمن التحكم بها كالمفاهيم الأجتماعية الخاطئة أو عدم دراية الأهل لكيفية التمييز بين مدرسة و أخرى لعدم اطلاعهم على الأمور الأساسية الواجب التفكير فيها عند عملية الاختيار, أو أمور لا يمكن التحكم بها كالوضع المادي و المقدرة المالية لأقساط المدرسة. لذا سنسرد لكم أولا بعض الأسئلة التي تحير الأهل عند اخيارهم للمدرسة قبل الدخول في صلب الموضوع و تحديد أهم الأمور
الواجب التفكير بها لاختيار المدرسة الأفضل لطفلك.
هل المدرسة الحكومية سيئة و الخاصة أفضل أم العكس ؟
هل المدرسة التي يكون اجمالي أقساطها أعلى من غيرها هي الأفضل و الرخيصة هي السيئة؟
هل المدرسة التي يحوي اسمها على اسم بلد غربي هي الأفضل كالمدارس الأمريكية, المدارس الانكليزية, أما المدارس التي تسمى محليا فهي السيئة؟
هل المدرسة التي تقع في منطقة محدودة الدخل هي السيئة أما الموجودة في مناطق ذوي الدخل العالي هي الأفضل؟
هل المدرسة التي تجعل الطالب يدرس كثيرا بعد عودته الى البيت هي الأفضل أما المدرسة التي تراعي وقت الطفل و تخفف عليه دراسة البيت هي السيئة؟
كثيرة هي الأسئلة التي تجول في بال الأهل عند تفكيرهم بمدرسة طفلهم, و هناك أسئلة اكثر مما سبق ذكره, و لكن خير ما يقال في هذا المجال هو أن التعميم من أسوأ الأمور و علينا أن نفكر بالموضوع بطريقة مختلفة عما اعتدنا عليه اجتماعيا و الكم أهم الأمور الواجب التفكير بها قبل تحديد المدرسة المناسبة لطفلك:
1. الميزانية:
كل مدرسة لها أقساط و مصاريف خاصة بها, و أنت كأب اسرة يجب أن تتناسب أقساط المدرسة مع امكانياتك المادية, و عند سؤالك عن تكاليف المدرسة لا تنس أن تسأل أيضا عن أية أمور أخرى مطلوبة لطفلك لاحقا غير اقساط التدريس و ان كانت من ضمن القسط أم لا, كالملابس, الكتب, الرحلات, حفلة التخرج و غيرها. و لكن الميزانية و ان كانت محددة لديك لا تدعها تسيطر على قرارك, فأنت تستطيع حتى ضمن ميزانية معينة أن تفكر في عدة خيارات و تختار الأفضل.
2. المستوى العلمي و التربوي:
و هو الأهم لأن المدرسة مهمتها الأساسية علمية و تربوية, و يمكنك تحديد مستوى المدرسة علميا و تربويا من خلال النقاط التالية:
- زيارة المدرسة: اتصل بادارة المدرسة التي تنوي تقييمها و اتفق معهم على موعد لزيارتها لتعاينها بنفسك و تتعرف على عدة أمور قبل ذهاب طفلك لها. اسأل عن المناهج المعتمدة و الكتب حاول تصفحها لمعرفة ما نوع الدراسة التي سيتلقاها طفلك, و ان أمكن تحدث مع المشرفة عن المعلمين ان أمكن لتسألها عن أساليب التعليم المتبعة, كالعقاب و الثواب على سبيل المثال. تعرف على مبنى المدرسة من الداخل و الخارج و شكل انطباعك عنها و قيم بشكل عام ان كانت ملائمة لطفلك أم
لا.
- سمعة المدرسة في المجتمع: و هي مسألة مهمة جدا و يمكنك سؤال صديق أو قريب عن مستوى المدرسة اجتماعيا و علميا, فاذا كان أحد أطفالهم قد درس فيها, يكون رأيهم هام و مجدي و لكن حاول سؤال اكثر من شخص عنها و لا تعتمد على رأي واحد.
- اسأل عن انجازاتها التربوية: و هو أمر مستحب و ليس أساسيا, و لكن معرفتك المسبقة عن أن المدرسة حاصلة على تنويه من وزارة التربية أو من مؤسسات تربوية و نسبة نجاح طلابها في الامتحانات الرسمية مرتفعة, هي أمور تساعد في تقييمك للمدرسة.
3. بعد المدرسة عن بيت الطفل:
يفضل أن تكون المدرسة قريبة من البيت و ذلك لعدة أسباب:
- يعود الطفل من المدرسة متعبا و بحاجة ماسة للراحة و الأكل قبل أن يقوم باتمام فروضه المدرسية, لذا كلما قل الوقت الزمني لمشوار العودة كلما كان اكثر راحة للطفل.
- قصر المسافة يقلل من نسبة حصول الحوادث.
- فكر بالازدحام, فكلما بعدت المدرسة عن البيت كلما ارتفعت نسبة مواجهة باص المدرسة لازدحام السير, و اذا كنت أنت أو زوجتك من يقوم بايصال طفلك للمدرسة, فان قصر المسافة يسهل عليكم الأمور أكثر.
الموضوع متشعب جدا و له تفاصيل كثيرة لا تلخص في مقال واحد فقط, و ربما نتناوله لاحقا من زوايا أخرى و بطريقة اكثر تفصيلا مع نتائج استبيان قد نقوم به, و لكن ما وجب قوله هنا هو أنه ليس هناك مدرسة كاملة المواصفات و في نهاية المطاف اتباع النصائح السابق ذكرها هي لمساعدة الأهل في التفكير السليم لاختيار المدرسة الأنسب لطفلهم و القرار الأخير يعود لهم من بعد جولة سيقومون بها على المدارس لاختيار الأفضل تبعا لمعاييرهم التي سيختارونها.