سحر اللمسات الانسانية

الاستاذ_سلمان_الكندري

أرسل إلى صديق

إذا كنت مشترك من قبل إنقر هنا للدخول إلى حسابك.  إنضم الان للحصول على حساب مجاني
في أمريكا الشمالية يقصد الناس أماكن محددة يلتقي فيها الغرباء ويتعارفون ثم يقضون أوقاتا في المعانقة في حفلات تسمى "بحفلات المعانقة"..لا شيء أكثر من ذلك ! مجرد الشعور بملمس الإنسان الآخر! مفارقة غريبة بعض الشيء في هذا العالم فبالرغم من أننا أكثر إتصالا إلكترونيا إلا أننا أصبحنا أقل اتصالا عاطفيا وأقل إحساسا باللمسة الإنسانية.

لقاءات العائلة والأصدقاء بالطريقة التقليدية لا غني عنها للاستمتاع بروعة المشاعر ودفء العلاقات واللمسات الإنسانية الصادقة من خلال المصافحة والمعانقة وتقبيل الأبناء واحتضانهم بتلك اللمسة التي بها يتبدد الحزن ويقل الألم ويخف الاكتئاب وتمنحنا مزاجا أفضل ، فلا أروع من أن يشعر الإنسان بكينونته وأنه جزء من نسيج اجتماعي متكافل يعيش في فلكه يقيم العلاقات ويتفاعل مع بني جنسه يشبع رغباته في تناغم واتزان لمعادلة الحياة فيعطي ويتلقى الاحترام والاهتمام والابتسامة الصادقة والدعم عند الحاجة لتتآلف القلوب والأرواح معا ويصنع مجتمعا ناضجا في التعامل الإنساني.

يتطلع أغلب الناس للسفر على درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى والانتظار في قاعات المطار المخصصة لهاتين الدرجتين لأنها تلبي حاجة لدى الإنسان وهي الشعور بالاهتمام والتقدير بمعاملة خاصة إضافة إلى الرفاهية والراحة التامة ، وهذا ما لمسته أثناء سفري على الدرجة الأولى متوجها إلى دولة قطر الشقيقة لتقديم دورتي التدريبية " الذكاء المالي" ولي أن أعتبر الجلوس في مكان يتميز بالفخامة وتلفه الخصوصية والهدوء إضافة إلى الخدمات الاستثنائية والطلبات المجابة برحابة صدر وحسن تعامل ومركز خاص لرجال الأعمال وغرفة مخصصة للاسترخاء وأخرى للمساج وحمام "جاكوزي" ومطعم يوفر أشهى الأكلات هي جزء مهم للاستمتاع بالرحلة.

في فندق "فيرمونت" و " فور سيزونز" وغيرهم من الفنادق الفخمة تقوم إدارتها بإضافة بعض اللمسات الإنسانية ويهتمون بها إلى أبعد الحدود كأن يقدمون "كعكة" مكتوب عليها إسمك و"عيد ميلاد سعيد" مع وردة جميلة في حال إذا صادف تاريخ إقامتك يوم ميلادك فهذه الفنادق الراقية التي تراعي هذه اللمسات تخلق لها ولاء من نزلائها وتكسبهم للأبد بهذه اللمسة البسيطة
إذا قابلنا رجلا يكنس الشارع وقلنا له يا "زبال" فقد يشتاط غضبا لأنها نوع من الإهانة فكل إنسان يحب أن يشعر بأنه مقدر ومحترم من قبل الأخرين ففي اليابان مثلا يسمى عامل النظافة " مهندسا صحيا" ويتقاضى راتبا يصل إلى 8000 دولار شهريا! وإحدى الملكات كانت لا تفتح أي ظرف ليس مكتوب عليه " صاحبة الجلالة"!! إنها الحاجة الماسة للشعور بالتقدير والاحترام.

كنت جالسا في مقهى "ستاربكس" مستمتعا بالقهوة اللذيذة مع أخي العزيز وليد ملك ليشاركنا الحوار رجل أمريكي اسمه "ران" كان يجلس بجوارنا خضنا معه في مواضيع سياسية وتنموية واجتماعية ولم تخلو هذه الحوارات من الطرافة والضحك الأمر الذي جعل "ران" يشعر بارتياح تجاهنا حتى صارحنا بحقيقة مؤلمة حينما قال: أنتما بخلاف ما أراه من أفراد مجتمعكم فالوجوه تخلو- في الغالب - من الابتسامة ومن الصعوبة أن أتأقلم لأني أشعر بغربة وإقامة الصداقات شبه مستحيله! إضافة إلى أنه تعرض للاستغلال أثناء حاجته للخدمة من أحد المحلات لكونه أجنبي!

كانت حقيقته المره صادمة بعض الشيء إلا أننا حاولنا تغيير هذا الانطباع لديه فأعطاه صديقي وليد رقم هاتفه وأبلغه بأن يتصل إذا احتاج لمساعده وواعدناه برحلة صيد بحرية فرح "ران" بهذه الحفاوة والاهتمام وتقديم المساعدة البسيطة له والاستماع لهمومه ، تساءلت في نفسي لماذا لا نكسب الناس بهذه اللمسات من الاهتمام والانصات ونعاملهم بإنسانيتنا ليبنوا قناعات إيجابية تجاه سلوكنا الإنساني ؟!

" إن الفتاة التي تظهر اهتمامها بالغير فتصغي إلى أحاديثهم بشوق وتغتنم الفرص لخدمتهم ماديا ومعنويا تجذب إليها القلوب ويتهافت عليها الرجال وإن لم ترزق حظا وافرا من الجمال" ديل كارنيجي.
" إذا أردت ان يلين قلبك فاطعم المساكين وامسح على رأس اليتيم" حديث شريف
يمسك رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بيد الجارية وينطلق بها في المدينة ويحن جذع النخلة لفراقه عليه الصلاة والسلام فيضمه ليهدأ بهذه اللمسة الإنسانية الحانية من نبينا رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم ، هذه هي المفاهيم الإنسانية النبيلة التي نتمنى أن تتجسد واقعا عمليا في تعاملاتنا لنسمو بسحر التعامل الإنساني ونصبح بها أكثرعمقا في فهم المعاني الإنسانية الجميلة كاللمسه والابتسامة والانصات وخدمة الآخرين والاحترام والشعور بالتقدير بلمسات إنسانية راقية.

التعليقات

هل ترغب في إضافة تعليق؟

إذا كنت مشترك من قبل إنقر هنا للدخول إلى حسابك.  إنضم الان للحصول على حساب مجاني

    © جميع الحقوق محفوظة، كل بيت ٢٠١٤