الكذب هو سمة من السمات الدنيئة، وهو قول كلام مخالف للواقع، أو بمعنى آخر التهرب من واقع ليتعايش الكاذب مع أوهام خلقها عقله ولكي يستوعبها الطرف الآخر على حسن نية. ويكون إما بتزييف الحقائق جزئياً أو كلياً أو خلق روايات وأحداث جديدة بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين، وقد يكون مادياً ونفسياً واجتماعياً، وهو عكس الصدق، ومن يتصف بهذه الصفة يكون منبوذاً في المجتمع. فالبعض من هؤلاء يفتقد لمن يستمع إليه فيميل إلى أكاذيب يصدقها المنصتون.. هو في نظره لديه قدرات في الإقناع بأكاذيبه على حسب ما يتوهم عقله، ولكن ذلك يتم على حساب ثقة الآخرين به، وهو لا يعلم بأن هذه العادة سوف تهز كيان ثقتهم به عند كشف غطاء الكذب.
من الأسباب التي تدفع إلى الكذب: الحاجة، الخوف، الأنانية، الضعف، الخجل.. وغير ذلك، فالذي يكذب لحاجةٍ ما يريد الوصول إليها ويعجز عن ذلك إلا بالاستعانة بحبل الكذب، ألا يعلم بأن رغبته هذه ستُبنى على أعمدة وهمية ضعيفة البنية، وسوف تسقط في أي لحظة وبعدها لن يستطيع النهوض مرة أخرى؟!.
وبعضهم يكذب لكي يلفت الأنظار ويرمي لغيره مشاكله وأكاذيبه ليتبرَّأ من أي فعلةٍ اقترفها، ألم يعلم هذا بأن الله يرى؟.. أما الذي يكذب خوفاً من نتيجة خطأ اقترفه ولم يستطع مواجهة أفعاله بسبب ضعف شخصيته، فإن لم يواجه نتيجة موقفه في تلك اللحظة فكيف عساه أن يبني مستقبله بشخصية مهتزة؟!.. والذي يكذب خجلاً أو خوفاً من الإحراج ويعتقد بأنه إذا اعترف ربما تتغير نظرة الناس إليه، هل في اعتقاده عندما تنكشف كذبته ستكون النظرة إليه من قِبَل الناس جيدة؟!
والذي يكذب خوفاً من الحسد، فيخبر أحبابه عن جوانب مزيفة من شخصيته ليتجنب معرفتهم بحقيقته، والسبب وراء ذلك هو أن لا تصيبه عين حاسد تطرحه على الفراش.. أين ذهبت ثقته برب العباد؟ وأين ذهب الإيمان بالقضاء والقدر؟ الله الذي خلقك هو خير حافظ، وإن أراد أن يصيبك بسوء فسوف يضرك ولو في عقر دارك، فلتكن الثقة بربك هي من تنير دربك.
الأكاذيب كثيرة وتختلف في الصيغ والمعنى، وتُنسَج بطرق وأساليب عدة لا يتقنها إلا المتمرسون في الكذب، ويجب على كل شخص أن يتمعن ويجلس جلسة مصارحة مع نفسه ويحادثها عن ماذا سوف يجني بعد هذه الأكاذيب، فالإنسان يجب عليه أن يخشى ربه ويتقيه ولا يكذب ولا يخدع ولا يغش، وأن يُعامِل الناس بمثل ما يحب أن يُعامَل.. نكذب لنرضي الآخرين بما يخالف قناعتنا ويسخط خالقنا! ما الدافع المهم وراء ذلك!.. فلنتفكر.
فيا أخي القارئ: ما من حال يدوم، وسرعان ما تنقضي تلك المحنة التي مرت بك، فلتأخذها حسنة في الميزان أفضل من الكذب الذي سيُكتَب سيئة بلا أي نتائج.. فحاول قدر المستطاع أن تبعد نفسك عن هذه العادة، ولا تتخذها مطية لإرضاء مخلوق، فإرضاء الخالق أولى من إرضاء المخلوق.. وقد قال الله في كتابه الكريم: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" صدق الله العظيم..
أسأل الله أن يجعل خطانا على الطريق المستقيم، ويجعلنا من الصادقين المتقين، ويجنبنا من الوقوع في الكذب وطرقاته.
بقلم: م. موسى الخالدي
كاتب في مجال: الحياة والمجتمع.
Twitter: @Moosa_Alkhaldi
Insta: Eng_Moosa_Alkhaldi