يقول بعض الأهل, عادي الطفل يحضر رسوم متحركة فيها مغامرات و معارك و وحوش, و آخرون يقولون أنه ما زال صغيرا لن يفهم شيئا من هذه الأفعال كضرب المطرقة على يد شخصية في الحلقة المشاهدة ما المشكلة عادي لن يصدقه, و لكن البعض الأهم في نظري هو الذي يسأل و يدقق في نوعية الرسوم التي يشاهدها الطفل و مقاربة عمره لما يتابعه, و ذلك لأسباب كثيرة, فالموضوع ليس بهذه البساطة كما يظن البعض أن الرسوم المتحركة هي مجرد مشاهدة لتسلية الطفل ايا كانت نوعية هذه الرسوم. و لتعرف سبب اهتمامنا بكتابة مقال عن الموضوع و تسليط الضوء على موضوع يلامس كل عائلة و كل طفل تقريبا, اقرأ المقال كاملا لأن الفقرات متسلسلة الأفكار و توصل لنتيجة مهمة جدا في نهاية المقال.
مقدمة عن حقائق من أيامنا الحالية تخص الرسوم المتحركة:
• لأن الرسوم المتحركة أو ما يعرف اصطلاحا بالكرتون, هي المصدر الأسهل و الأكثر مشاهدة الذي يقوم الأهل بتقديمه كوسيلة تسلية لأطفالهم, اعتاد الأهل على تخصيص كثير من الوقت لأطفالهم لمشاهدة مثل هذه الرسوم على شاشة التلفاز, بدلا من اللعب في الخارج و ممارسة النشاطات الرياضية و الفكرية التي تنمي عقل الطفل كما كان في السابق قبل انتشار الرسوم على التلفاز و تاثيرها القوي على عقول أطفالنا.
• يشاهد الأطفال هذه الرسوم المتحركة على التلفاز لوحدهم عادة دون مراقبة الأهل لعدة اسباب, منها أن الأهل مشغولين بأمور أخرى, و قد يكون للطفل تلفاز خاص له في غرفته تسمح له باقتناص الوقت للمشاهدة الفردية دون حضور أهله, و يكونوا الأهل فعليا في هذه الحالة يتجاهلون التأثير الخطير الذي يمكن أن يسببه ترك الطفل لوحده مع التلفاز, لأن له تأثير على نموه النفسي و العقلي الذي يؤثر في تكوين شخصيته المستقبلية و سلوكياته في المجتمع.
أنواع الرسوم المتحركة:
• بما أن هناك شريحة و اسعة من أنواع الرسوم المتحركة المتاحة للمشاهدة بين وسط الأطفال, مثل قصص الخيال المستوحاة من القصص العالمية, الى قصص المغامرات كالبوكيمون و سلاحف النينجا و غيرها, فان الرسوم التي يشاهدها البنات تختلف عادة عما يشاهده الصبيان و قد يشتركون أحيانا في بعض الرسوم المشتركة المشاهدة كتوم و جيري مثلا. ان الأطفال بين سن 6 و 8 سنوات لهم رغبات مختلفة في مشاهدة الرسوم المتحركة, فالبنات عادة تتابع القصص كسندريلا و التي تتطرق اكثر لشخصية أنثوية, كلعبة باربي مثلا. أما الصبيان فيتابعون القتال عادة و المغامرات و المنافسة أكثر, رغم أن هناك رسوم تحضر من الطرفين كرسوم الأبطال كرجل العنكبوت. و لكن هناك أنواع كثيرة من الرسوم المتحركة تبعا لموضوعها, و سنسرد منها بعض العناوين الرئيسية و لم نشمل الجميع في هذا المقال.
• التعليمي: و هو الذي يسلط الضوء على الفقرات التي تعلم الطفل العد و الأشكال و التمييز بين أمر و آخر, و هي من اكثر الرسوم التي ينصح بها للأطفال.
• القتالي: و هي الرسوم التي تسلط الضوء على معارك قاسية بين البطل و الأشرار, فرغم أن التمييز بين الخير و الشر أمر جيد الا أنه سيف ذو حدين, لأن المعارك و القتال تحفز الطفل على الشراسة و عدم فهمه المباشر بوجود أهله بأن البطل يقاتل للدفاع عن نفسه و أهله سيجعل من البطل و معاركه مع الغير رغبة جامحة للطفل المشاهد.
• الاجتماعي, كأن تكون قصص اجتماعية ذات مغزى تعلم الطفل فهم المجتمع و عاداته بين افراده و كيفية التصرف فيما بينهم.
ان الأطفال الذين يتابعون الرسوم المتحركة في أعمار مبكرة لغاية سن الثامنة, هم في مرحلة تطوير مقدراتهم العقلية و تشكيل انطباعاتهم و انفعالاتهم بسرعة, و هي مرحلة حساسة جدا في عمر الطفل, لذا على الأهل أن يهتموا بما يشاهد أطفالهم و يكونوا حذرين مما يشاهدونه.
ان الأطفال في هذا السن يعتبرون أن كل ما يشاهدونه من رسوم متحركة هو حقيقي, فهم غير قادرين على التمييز بعد بين الحقيقي و الخيالي, فمثلا اذا شاهدوا أن توم يضرب جيري بالمطرقة على يده عدة مرات و جيري فقط يصرخ ثم يكمل اللعب معه, فقد يقوم الطفل بنفس الأمر لايمانه بأنه حقيقي و قابل للتحقيق في الواقع. و قد يؤذي الطفل أحد اصدقائه و أهله لمجرد اعتقاده أن ما شاهده يمكن تطبيقه دون أن يتأذى أحد أو أن الأذى لن يكون قويا لأن شخصية الرسوم قامت بالنفخ على مكان الألم و الاستمرار بالركض دون التوقف عند الأمر كثيرا.
في دراسة قام بها المعهد الأمريكي للأطفال و المعهد الأمريكي للأطفال في المدارس, تبين أن كثير من الطلاب يضربون بعضهم بطريقة مبرحة نتيجة تأثرهم بالرسوم التي يحبونها و يشكو الأهل للمدرسين عن هذا الموضوع ظنا منهم أن الموضوع سببه المدرسة, في الوقت الذي يكون الموضوع بالعكس تماما فالسبب هو البيت حيث يتجاهل الأهل متابعة ما يشاهده أطفالهم من رسوم عنيفة و كلها مشاحنات و ضرب متبادل.
يتقمص الطفل الشخصيات التي يتابعها, و قد يكون الموضوع خطر على حياة بعضهم اذا كان بطلهم من النوع الخارق الذي يفعل أمور خارقة مقارنة بمقدرة البشر, و اذا قلدها الطفل قد يضع حدا لحياته و حدث ذلك في أنحاء العالم, كأن يلبس الطفل لباس سوبرمان و يرمي بنفسه من شباك بيته العالي لمجرد اعتقاده أنه يستطيع الطيران كسوبرمان. و لنفترض أن الأهل كانوا يتابعون مشاهدات طفلهم مع سوبرمان و تفهموا طريقة استيعابه لكانوا تحدثوا معه و حاولوا افهامه أن هذا خيال و الأفضل عدم مشاهدته من الأساس لتحاشي مثل هذه المواقف الخطرة حماية لهم.
في مقابل الرسوم المتحركة الخطرة على عقل الأطفال و تصرفاتهم, هناك رسوم متحركة ذات مغزى و مفيدة فكريا و اجتماعيا للطفل, كالرسوم التعليمية التي ينصح بها الأخصائيون, مثل شخصية بارني و دورا على سبيل المثال, فالحلقة تتمحور عادة حول تشجيع الطفل للمشاركة مع الآخرين و تعلم أمور اساسية كعد الأرقام و التمييز بين المؤذي و المفيد و الأولان و غيرها من الأمور التي تعتبر من أساسيات مناهج التعليم, و هذه الرسوم تساعد الطفل في التحضر للمدرسة ان لم يدخلها بعد.
الخلاصة:
ان تأثير الرسوم المتحركة على أطفالنا يمكن أن نجعله ايجابيا بقليل من المجهود من قبل الأهل الذين يجب أن يكونوا متابعين لمشاهدات أطفالهم اليومية دون اهمال هذه المتابعة لأي سبب من الأسباب.
- على الأهل التأكيد لأطفالهم أن ما يشاهدوه من خوارق و مبالغات ما هي الا خيال و لا يمكن تطبيقها في الواقع لأنها أمور غير صحيحة. قولوا لأطفالكم أنه لا يوجد سبايدرمان بالحقيقة و لا سوبرمان و هي اشكال و شخصيات مرسومة في السينما و التلفاز, و لا أحد يستطيع القفز من عمارة لأخرى من خلال شبكته و لا الطيران من خلال ثوب على الظهر.
- على الأهل مراقبة تصرفات أولادهم و سلوكياتهم, و الاجابة على كل ما يحيرهم و لا يجدون له أجوبة فان متابعتك لهم و توفير كل الاجابات العقلانية لهم سيزيل الأثر السلبي الذي يخلقه مشاهدة الرسوم المتحركة الغير منطقية.
- لا تمنعهم بالمطلق من مشاهدة الرسوم المتحركة, فهذا ليس حلا, قم ببعض الجهد لمساعدتهم بتحفيزهم على مشاهدة الرسوم المفيدة لهم و شجعهم بكثير من الأمور حتى اذا استدعى الموضوع أن تشتري لهم ألعاب ترتبط بهذه الرسوم المفيدة لعقلهم و تنمي مقدرتهم و استيعابهم.