فن الحوار

moosa_alkhaldi

أرسل إلى صديق

إذا كنت مشترك من قبل إنقر هنا للدخول إلى حسابك.  إنضم الان للحصول على حساب مجاني
الحوار هو أسلوب حضاري يُعنى بالمناقشة بين طرفين بلغةِ الفكر السليم و بإحترام متبادل بينهما، يخلو من اي خدشٍ للمشاعر الإنسانية ليكون التفاهم سيد الموقف بغيةً الوصول إلى الحقيقة المتكتمة ودفع الشبهات من الأقوال والأفكار الفاسدة.

فالحوار مطلب انساني يعد من أكثر أساليب التواصل رقياً ، فأنت بحوارك الراقي تستطيع الوصول الى قلوب الآخرين بكل سهولة و يسر ، فأنت تخاطبهم بعبارات منسقة جميلة ، و تناديهم بألقاب مستحبة أقرب الى قلوبهم و بذلك تكون قد وضعت أثرا لذاتك في نفوسهم فأنت حتما لامست مشاعرهم .

و لكي يصل اليك عزيزي القارئ ما أرمي اليه ، فتفكر لبرهة في المشاكل التي كنت قد مررت بها ، و التي يمر بها معظم الناس ، أنظر لأغلب المشاكل و التعقيدات التي بدأت تكثر في أدورِ الاستشارات و تتفاقم بشكل ملاحظ في مجتمعنا سواء أكان هذا التفشي على مستوى الفرد او الاسرة بشكل عام ، و التي يكون سببه الرئيسي سوء التعامل و جهل الحوار الراقي ! فاحداهن تبكي ان اباها يعاملها كرجل ! ... و اخرى تشكي الحال من زوجها الذي اغلق اذناه عن سماعها ..! و هنالك الابن الذي يقول /عندما احاور ابي يجب ان يكون هو الصحيح في الاول و الاخير ..! و هنالك ابنة تقول /ابي لا يستمع لي. كثرة التشاكيات و النتيجة واحدة ، و هنالك الكثير من الامثلة التي مر بها مجربوها ، فعدم معرفة أسس و معايير الحوار هو ما يزيد الأمور سوءا.

قال الله تعالى: {اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري، اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى} [طه: 44]. فمن اصدق من الله قيلا عندما قال في كتابه الكريم (فقولا له قولاً ليناً) فهذه الآية تخبرنا اننا يجب ان نتحلى بالصبر واللين في القول قبل بدء الحوار ، اي يجب عليك ان تكون مؤدباً ، وأن تعرف الدستور ، وأن تغلب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية ، وتحترم الرّأي الآخر ، و تحسن الأنصات ، وأن تكون صبوراً حليماً صادقً ، وأن تكون عالم بما سوف تتفوه به من اقوال وكلمات .

واذا لم تتحلى بهذه القوانين سينتهي الحوار قبل ان تبدأ ، فلذالك لا تدخل في حوار لست مهيئاً بالالتزام بقوانينه ، فإنعدام القوانين يجعل الحوار خاليا من الفوائد عقيما لا يذكر ، و ربما يعود عليك بنواتج سلبية لا تحمد عقباها ، و لتعلم اخي /اختي القارئ/ة بأن أخلاقك تقاس بمدى إحترامك لمشاعر الاخرين و مدى رقي تحاورك معهم ، فمراعاةُ مشاعر الأخرين مهارة لا يتقنها الكثير .

قال الله في كتابه الكريم: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125]. والحوار والجدال لهما نفس الدلالة ، وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى:﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة:1] ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس: المناقشة بين طرفين أو أطراف متعددة ، يُقصد بها تصحيح الكلام ، وإظهار الحجَّة ، وإثبات الحق ، ودفع الشبهة ، ورد الفاسد من القول والرأي.

فلنرتقي بحوارنا مع احبابنا فما أحوجنا إلى الحوار؛ لأنه طريق للفهم، وسبيل للنجاح والسداد، وبوابة الوفاق والاتفاق فأسئل الله العلي القدير ان يلهمنا الحكمة والفهم وحسن الحوار والصبر على من لا يتقنه، وان ينير لنا طريق الخيرات ويوفقنا لكل ما نبتغيه ويرضاه.



بقلم: م. موسى الخالدي
كاتب في مجال: الحياة والمجتمع
Twitter: @Moosa_Alkhaldi
Insta: @Eng_Moosa_Alkhaldi

التعليقات

هل ترغب في إضافة تعليق؟

إذا كنت مشترك من قبل إنقر هنا للدخول إلى حسابك.  إنضم الان للحصول على حساب مجاني

    © جميع الحقوق محفوظة، كل بيت ٢٠١٤