اذا كان شخص مقرّب او محبب لديك يعاني من حالة حزن او اكتئاب، فان هذا الوضع سيشعرك بالاحباط و الاضطراب، و يجعلك بوضع مربك لخوفك من عدم فهم مشكلة او حالة الطرف الاخر و ما يصدر منك بعض الامور التي تجعل الشخص المصاب بهذه الحالة ينفر من وجودك في الوقت الذي تحاول فيه جاهدا المساعدة .
الكآبة او الاكتئاب هو حالة انعزالية و مجموعة من الاضطرابات يعاني منها الشخص ،والتي يمكن ان تساهم في شكل كبير الى تخريب العلاقات، و هذا ما يجعل الطرف الاخر جاهل بكيفية التعامل معها. و لكن يبقى مساعدتك و مساندتك لهذا الشخص و تفهّم حالته النفسيه و ما يعانيه جدا هام و ذلك باتباع بعض الخطوات و الطرق التي تذكرها لنا الأخصائية النفسية ديبورا سيراني و التي هي شخصيا عانت من : حالة الاكتئاب، حيث تذكر لنا ٩ استراتيجيات قيّمة مهمة
١- كُن متواجدا
نسبة للاخصائية سيراني ،افضل شيء ممكن ان تقدمه لشخص يعاني من حالة اكتئاب هو ان تكون متواجدا. تقول سيراني "عندما كنت اعاني من حالة اكتئاب، افضل اللحظات كانت عندما يأتي شخص احبه يجلس بقربي بينما ابكي، و يمسك بيدي و يتحدث معي بعبارات ترفع من معنوياتي مثل "انتي جدا مهمة بالنسبة لي" او "ماذا يمكني ان افعل لمساعدتك" او "سوف تجدين طريقة تساعدك لشعري بتحسن".
٢- قُم ببعض اللفتات و المبادرات
اذا كنت غير مرتاحا من التعبير العاطفي للشخص ،يمكنك اظهار الدعم بطريقة مختلفة. تقترح ديبورا سيراني بعض المقترحات كإرسال بطاقة او ترك رسالة صوتية بانك سوف تجهز العشاء مثلا مما يحافظ على الترابط بين الطرفين كشعلة ضوء تساهم في توجيه الشخص الذي تهتم لامره و انك تسعى لانتشاله من هذه العزلة و الحالة النفسية الصعبة.
٣- لا تحكم و تنتقد الشخص
ما تقوله يمكن ان يكون له اثرا فعالا على الاشخاص الذي يعانون من حالة اكتئاب. بالنسبة لسيراني، تجنب قول عبارات مثل"يجب ان ترى الامور بايجابية"، او "يجب ان ترى الكوب من الجانب الممتلئ و ليس الفارغ" او " اعتقد ان ما تعانيه هو فقط ما يدور في رأسك من اوهام، اذا فقط قمت من مكانك و تجولت سوف ترى الامور اكثر ايجابية".
هذه العبارات تعني و كأن الشخص اختار بملئ ارادته ان يكون كئيبا و يعيش حالة العزلة و الكآبة. فهذا الاسلوب يزيد من حساسية الشخص و يمكن ان يجعله اكثر عزلة حتى عن الاشخاص الذي يحبهم و يودهم.
٤- تجنّب أسلوب الحب القاسي
كثير من الاشخاص يعتقدون ان القسوة على الشخص المكتئب سوف تخلق حالة عكسية بان يتخلى الاخير عن اكتئابه و يصبح اكثر ايجابية و خاصة بما يتعلق بسلوكه، تقول سيراني على سبيل المثال، يعتمد البعض اسلوب التهديد مع الطرف الاخر بفقدان الصبر و الضغط على الشخص باعطائه مهلة ان يتجاوب و يخرج من هذه الحالة مثلا "الافضل لك ان تخرج من هذا الوضع و الا سوف اتركك و ارحل". فهذا الاسلوب لا امل منه بل هو جارح و مؤذي للطرف الاخر ، و كأنك لم تبالي بما يعيشه و يشعر به من انزعاج و قلق.
٥- لا تقلل من ألم الشخص
و هنا نعني بالعبارات التي يرددها كثير من الناس مثل "انت ضعيف جدا" او " لماذا تجعل اي شئ صغير يؤثر عليك ؟" هذا الاسلوب جدا مؤذي.
لا يجب ان تقلل من مشاعر الشخص و بما يعانيه من الام و اوجاع، فهذا الاسلوب يقلل مما يعيشه من تجارب و يظهر انه يعيش حالة عدم توازن عقلي و نفسي، و ليس انه يعاني من بعض الاضطرابات النفسية نتيجة ظروف معينة بحاجة فقط لوقت لتتلاشى.
٦- تجنٌب تقديم النصائح
من البديهي جدا ان تتشارك النصيحة مع الاشخاص الذين تحبهم او الاشخاص الذين تهتم لامرهم، خاصة اذا كانوا يعانون من اوقات عصيبة، فهذا يجعلك تسعى لايجاد الحلول الملائمة. و لكن ديبورا سيراني تحذر انه من الصحيح ان الاشخاص المكتئبين بحاجة للتوجيه، و لكن قد يشعرون بالاهانة وانه شيئ غير ملائم في هذا الوقت تحديدا.
ما يساعد، نسبة لسيراني، هو ان يسال الشخص الطرف الاخر بما يحب ان يفعل من اجله ليشعره بتحسن "ما يمكنني ان افعل لتكون في حال افضل او لتشعر بتحسن؟". فهذا الاسلوب يعطي الشخص المكتئب و الذي تحبه فرصة لطلب المساعدة. عندما يطلب الشخص المساعدة فهذا يدل على تعاونه وانه مستعد للتعاون و التوجيه لاخذ النصائح من غير ان يشعر بالاهانة.
٧- تجنّب اجراء المقارنات
تجنب اجراء اي مقارنة مع حالة الشخص المكتئب المقرّب منك، فقط الا اذا انت عانيت من حالة مماثلة سابقا. كأن تقول انك تعلم ما يحس و يشعر به، فهذا اسلوب غير متعاون. تقول سيراني، بينما تكون نواياك حسنة و تود المساعدة من خلال خبرتك بما عانيته من حالة مماثلة، وانك تريد ان تخرجه من عزلته و حالته المحبطة، هذا الشيء ممكن ان يقلل من اسلوب المحادثة مع الشخص الاخر و كأنك تقطع عليه الطريق لاستعراض مشكلته.
٨- حاول ان تثقف نفسك قدر المستطاع عن الاكتئاب و الكآبة
يمكنك تجنب سوء الفهم و الخطوات التي سبق و ذكرناها، من خلال تثقيف نفسك عن ماهية و عوارض الاكتئاب. فعندما يكون باستطاعتك فهم اعراض هذه الحالة، الاسباب و العوارض، سوف يكون بمقدورك ان تساند و تساعد الاشخاص المحببين لديك اذا كانو يعانون منه .
مثلا، بعض الاشخاص يعتقدون اذا شخص في حالة اكتئاب قضى يوما جيدا، فهذا يعني انه شُفي و خرج من الحالة التي يعيش فيها. تقول سيراني الاكتئاب هو ليست حالة مستقرة يعيشها الشخص عكس ما يفهم البعض و لكن ممكن ان يكون في حالة متأرجحة ،اي اذا شخص راشد يعاني من حالة اكتئاب فبامكانه ان يمزح و يبتسم، و الطفل اذا كان في حالة يأس ما زال بامكانه الذهاب الى المدرسة،يحصل على علامات جيدة،و ايضا يبدو عليه الابتهاج.
في هذه الحالة ،تكون الاعراض المصاحبة للاكتئاب مخبئة نتيجة ظروف معينة او هي موجودة ولكن ليس من السهل ان يراها الشخص الاخر ،ليست واضحة على تصرفات و سلوك الشخص. لهذا من المهم ان تعلم، ان الاكتئاب ممكن ان يكون غير محسوس، و لا يظهر على الشخص من خلال تصرفاته.هذا الشئ يستدعي منك المعرفة الجيدة عن عوارض هذا المرض.
٩- كُن صبورا
تعتقد ديبورا سيراني ان الصبر هو جزء مهم و محوري اثناء دعمك و مساندتك للشخص الذي تحبه و يهمك امره و يعاني من حالة احباط و كآبة. عندما تكون صبورا معه، فهذا يشعره انه ليس مهم كم من الوقت يستدعي لمساعدته للتخلص من هذا الوضع مرورا في فهم ما يعاني منه،الى العوارض و العلاج الملائم للتخلص من هذه الحالة، فهذا يعطيه الجواب الذي طالما انت اردت ايصاله له ، انك دائما موجود بقربه لمساعدته و مساندته. و هذا الصبر له نتيجة فعّالة ،مع الصبر ياتي الامل، خاصة عندما يعاني الشخص من حالة اكتئاب فيفقد الامل بطبيعة الحال.
في معظم الاحيان عند مساندتك لشخص يعيش حالة اكتئاب كأنك تمشي على حبل معلّق في الهواء، لما هو وضع حساس جدا يجعلك تفكر في سريرة نفسك "ماذا يجب ان اقول؟"،" ماذا يجب ان لا اقول؟"، "ما علي فعله؟" " ما يجب ان لا افعله؟". و تذكر بمجرد تواجدك مع الشخص ،تسال عن كيفية تقديم المساعدة له، هذا يعتبر بمثاعة هدية رائعة له.