ما هو الغضب؟ الغضب هو حالة عاطفية مثلها مثل أي عاطفة أخرى، تختلف قوتها من خفيفة إلى شديدة كما عرفه البرفسور "تشارلز سبيلبيرجر"، وهو عالم نفسي مختص في دراسة الغضب. ويحدث الغضب بسبب التغيرات الفسيولوجية والبيلوجية، فعندما نغضب يرتفع مستوى ضربات القلب وضغط الدم، وكذلك الحال بالنسبة لهرمونات الطاقة مثل الأدرنالين ونورادينالين.
يمكن أن يكون الغضب بسبب الأحداث الخارجية والداخلية، فقد يكون الغضب من شخص محدد مثل زميل أو مشرف في العمل، ومن الممكن أن يكون الغضب نتيجة حدث مثل زحمة مرورية أو إلغاء سفر، أو قد يكون نتيجة إطالة التفكير بمشكلة خاصة بك، فمثلاً التفكير بالأحداث المؤلمة التي تحرك المشاعر قد يكون من شأنها أن تغضبك.
وهناك طرق مختلفة تمكنك من السيطرة على غضبك، مثل الاسترخاء. و من أدوات الاسترخاء البسيطة هي التنفس العميق، فهذا يساعدك على تهدئة غضبك، وكرر أثناء عملية التنفس العميق ببطئ كلمات مهدئة مثل أنا مرتاح، أو سيكون من السهل أن أقوم بعمل معين، أو أنا قوي، أو إن الله معي. ويمكنك استخدام ذاكرتك أثناء الاسترخاء وذلك بتخيل صور من شأنها أن تدخل لنفسك الهدوء والراحة، وكذلك بإمكانك عمل تمارين رياضية بسيطة وغير متعبة كالمشي مثلاً، يمكنك ممارسة هذه التمرينات بشكل يومي، وهذا يساعدك على استخدامها تلقائياً عندما تكون متوتراً.
ويمكنك التغلب على غضبك أيضاً من خلال إعادة الهيكلة المعرفية، وببساطة إعادة الهيكلة المعرفية تعني تغيير طريقة تفكيرك، عندما يحدث أحد الموظفين قد أخطأ بالعمل مثلاً قد تقول: "لقد دمر كل شيء، أو خرب هذا الموظف بيتي"، أما مع إعادة الهيكلة المعرفية يمكنك استبدال هذا النوع من الأفكار بأفكار معقولة أكثر، كأن تقول: لقد حدثت مشكلة، لكن يمكن حلها والتغلب عليها، وهذه ليست نهاية العالم"، أو أن تنظر باجابية اكثر إلى المشاكل على أنها فرص لتحسين الأداء و قوة الإرادة. ومن الطرق التي من الممكن أن تساعدك للسيطرة على غضبك هي تجنب قول كلمات معينة، مثل "دائما أو أبداً"، عندما تتحدث عن نفسك أو عن الآخرين، فقد تقول "أنت دائماً تنسى"، أو تقول "أنت لا تعمل أبداً"، فهذا من شأنه أن يشعر الشخص الغاضب أنه على حق بغضبه، كما من شأنه أن يحبط الأشخاص الآخرين اللذين كانوا على استعداد لمساعدتك في حل المشكلة.
حاول دائما أن تركز على الهدف بدلاً من التركيز على مهاجمة الآخرين بسبب تقصيرهم، واستخدم التفكير المنطقي، فإن التفكير المنطقي يساعدك في التعرف على سبب المشكلة التي تغضبك وهذا يساعدك في حلها، ولا تدع خيبة أملك بأمر ما تتحول إلى غضب، دائماً ترجم توقعاتك إلى رغبات، فلا تقل: "يجب أن يحدث كذا" ولكن قل: "أرغب في أن يحدث كذا"، لأن التعامل مع الأمور بهذه الطريقة يجعلك تتقبل جميع النتائج سواء كانت إيجابية أو غير إيجابية.
أحياناً يكون سبب الغضب والإحباط لأنك تعتقد أن كل مشكلة لها حل، ولكن عندما تكتشف أن المشكلة التي تواجهك ليس لها حلاً أو الحال المتوفر لا يروق لك، فتبدأ بالشعور بالغضب، فعليك هنا أن تضع خطة تمكنك من التقدم ولو خطوة واحدة إلى الأمام في علاج المشكلة، وإذا كنت لا تجد حلاً فورياً لمشكلتك، فلا تعاقب نفسك بالتفكير المطول بها خذ فترات من الراحة وكرر المحاولة في الوصول إلى حل.
يميل الشخص وهو غاضب إلى القفز للاستنتاجات، لكن التصرف الصحيح هو أن تطيل الاستماع لتستطيع استيعاب ما يقال، خاصة إذا كنت في مناقشة ساخنة، ومن المهم أيضاً أن لا تبادر بقول أول شيء يخطر ببالك، فمثلاً إذا انتقدت زوجتك بسبب تصرف معين، فمن الطبيعي أنها ستقوم بالدفاع عن نفسها، لا ترد عليها مباشرة، بل حاول الاستماع لما تقول وفكر بكلماتها جيداً، فربما تستنتج من كلامها أنها تشعر بالإهمال وعدم الاهتمام بها من قبلك، ومن الممكن وقتها أن تكتشف أنها تصرفت بهذه الطريقة فقط لتلفت نظرك نتيجة لتقصيرك بجانب معين.
استخدام النكتة أيضا قد يساعد على التخفيف من منسوب الغضب لكن يجب الانتباه إلى أن استخدام النكتة يكون بطرق معينة، فمن الممكن استخدمها لتواجه مشكلتك بنفسية هادئة وليس للضحك فقط، ويجب الابتعاد عن النكتة الساخرة، أو القاسية لأنها تعتبر شكل من أشكال العدوان بحق الآخرين.
من الممكن أيضاً أن يترك التغير البيئي أثراً سلبياً في نفسيتك فيقودك للغضب، فعلى سبيل المثال قيادتك للسيارة في طريق مزدحم قد يثير غضبك، وكذلك وجودك في مكان مليء بالفوضى قد يستفز أعصابك، والحل هنا هو تجنب التواجد قدر الإمكان في المكان أو البيئة التي من شأنها أن تجعلك في حالة عصبية أو حالة توتر.
يمكنك مراجعة طبيب متخصص في الصحة النفسية إذا شعرت أنك لا زلت تعاني من سرعة الغضب، فالطبيب يبني معلوماته على دراسات علمية تلقاها في هذا المجال، وبالتالي سيكون بإمكانه إرشادك إلى الطرق الصحيحة التي تساعدك في السيطرة على غضبك، من خلال تحديد المشكلة التي تتسبب في غضبك، وكذلك مساعدتك على إيجاد حلول لها.