التحرش الجنسي هو اعتدائات يتعرض لها الطفل من شخص بغرض إشباع رغباته الجنسية، ويكون الطفل في حالة عدم قدرة على الدفاع عن نفسه مما يصيبه بحالة من الرعب والفزع يليها خجل من التعبير والإفصاح لوالديه عن ما جرى خوفاً من إلقاء اللوم عليه وتأنيبه مما يزيد المشكلة تعقيداً. فالتحرش الجنسي بالأطفال قضية وظاهرة خطيرة في عصرنا الحالي أصبحت في تزايد مستمر آخذة معها مستقبل وآمال أطفالنا، ذئاب بشرية تفتك ببراءة الأطفال دون رحمة ومع الأسف الشديد من واقع الأستشارات التي تصلني فالتحرش الجنسي بالأطفال غالبا ما يكون مصدره بعض الأهل والمحارم! فالثقة الزائدة بالأقرباء والأهل المعتبرين من المحارم وتأمينهم بشكل مفرط على الأولاد هو سبب هذه المشكلة.
وكل هذه الأفعال الصادرة سببها تدني مستوى المجتمعات العربية من جهة الثقافة والأدب والأخلاق وحسن السلوك وهذا يعود لسوء تربية تفشت في الأسرة ونتيجتها أبناء يستوردون عادات وتقاليد وأخلاقيات سيئة من المجتمعات الأوربية لعدم حصولهم على التربية الأسلامية الحميدة، هكذا هي النفس البشرية دائماً تبحث عن بديل وكل هذا سببه أهمال الأهل في التربية، فالقرآن الكريم علمنا بأن نربي أبناءنا لحماية انفسهم من الاندراج خلف شهواتهم وقال: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} ذكر سبحانه وتعالى بأن فلاح النفس في تزكيتها وخلّوها من الرذائل، فتزكية النفس ليس مجرد كلام بل منهج طويل على الإنسان أن يتبعه، من زكا نفسه فقد أفلح في الدنيا والآخرة.
ولكن أين المربي والمعلم والناصح أين كل هؤلاء من أبناء اليوم، فأبناء اليوم أصبحت التكنولوجيا الخليعة للأسف الشديد هي من تربي أبناءنا نحو ثقافة منحطة بعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف ونفسٍ رّوضت على حب الشهوات، ومن هم الضحية بعد كل هذا؟! هم الأبناء الذين حصلو على التربية المثلى من آبائهم وأجدادهم وبعدها في يوم وليلة تحل بهم فاجعة التحرش! بأي ذنب فعلو بهم وبأي ذنب تسرق يرائتهم؟
يجب علينا نحن الآباء الدور الكبير اتجاه فلذات أكبادنا في تعليمهم التعليم الأمثل والتربية الحسنة التي تنشئ جيل واعي بتعاليم دينة الحنيف، فليكن تعليمنا بالفعل الحميد ولنقل لهم: "هذا حلال وهذا حرام" لكي تنشئ جيلاً يراقب الله، ولا تكونو من اللذين يربون أبنائهم على "هذا عيب" فهي تنشئ جيلاً يراقب الناس.
يجب أن لا يكون هذا الموضوع مصدراً للقلق والذعر لنا فالخطر وإن كان قريباً من أطفالنا يمكن إن نتفاداه ونحاربه ونقضي عليه وذلك من خلال اتخاذ أسباب الوقاية لحماية أطفالنا وأهم ما نبدأ به لحماية أطفالنا هو ان نغرس فيهم التربية الجنسية وذلك منذ الصغر، فلا يجب أن نهمل التربية الجنسية لأطفالنا فهي مسؤولية على عاتقنا ويكاد الموضوع يضيع في مجتمعنا بين حياء أهل الاختصاص وعجز المؤسسات التربوية مما يحمل الوالدين مسؤولية كبيرة في التعليم والتوجيه وحماية الأطفال بالعلم والمعرفة.
يحتاج أن يتعلم الطفل كيف يصارح والديه عندما يبوح له شخص بأسرار سيئة، وايضاً يجب أن تكون له القدرة في التفرقة بين اللمس السيئ كاللمس في الأماكن الحساسة من جسده واللمس الصحيح مثل المصافحة والسلام، وجميل أن يتعلم أساليب الدفاع عن النفس و تنبيه بألا يستجيب عندما يطلب منه شخص أكبر منه أمرا سيئا أو مجهولاً، ولابد من تعليمه كيفية أستخدام الجهاز المحمول بعيد عن المواقع الخبيثة فهذا الجهاز أصبح هو السبب الأكبر في دمار الأطفار فأحذرو كل الحذر منه، وأهم من هذا كله أن تعلمه أذكار الصباح والمساء وكيفية التحصين والمسح على الجسد عند قراءة المعوذات فإن في ذلك حماية ربانية له من العين والشر وهذه أهم التوجيهات التي لابد من معرفتها.
ولابد أن تبقى علاقة الوالدين بالطفل قوية والحوار بينهما مستمرا يومياً حتى يكون الباب مفتوحا دائما لسماع الأخبار في علاقة الطفل مع أصدقائه وزملائه بل وحتى مراقبة علاقته باخوانه وأخواته، خاصة وأننا نعرف بأن الأطفال قلما يفصحوا عما تعرضوا له بواسطة الكلام ولكن هناك مؤشرات لدى الطفل توضح للوالدين ما يجري لطفلهم.
وأخيراً يجب على كل فرد من أفراد المجتمع بأن يعتني جيداً بسمعته لأنها ستعيش اكثر منه، ولابد لنا أن نربي ابناءنا على تقاليد ديننا الحنيف وسنة نبينا الحبيب فليس هناك قدوة شاملة لنا نحن امة المسلمين إلا النبي صلى الله عليه وسلم فخذ أفضل ما لدى الأفضل ودع ما دون ذلك.
بقلم: م. موسى الخالدي
كاتب في مجال: الحياة والمجتمع
Twitter: @Moosa_Alkhaldi
Insta: @Eng_Moosa_Alkhaldi